- كلمات:
- جبران خليل جبران
- ألحان:
- الأخوين الرحباني
وظَلَّ المُصطفى المُختارُ الحبيبْ الذي كانَ فجراً لِذَاتهِ
ينتظرُ سفينتهُ في مدينةِ أورفيليسْ
وفي السنةِ الثانية عشرة في السابعِ منْ شهرِ الحصادْ
صَعِدَ إلى إحدى التلالْ ونَظرَ صوبَ البحرْ
ورأى سفينتهُ آتيةْ، فَصلَّى في سكونِ نفسه، وقالَ في قلبهْ:
كيفَ أمضي عن هذهِ المدينة
وأعبرُ البحرْ من غيرِ كآبة؟
وعندما دخلَ المدينة، استقبلهُ الشعبْ
كانوا يهتفونْ: لا تُفارقْنا لا تُفارقْنا
فالمحبّة لا تعرفُ عُمقها إلا ساعةَ الفِراقْ
آنَ إذنْ قالتْ المِطرَة: حدِّثنا عنِ المحبّة، فقال:
إذا المحبّة أومَتْ إليكمْ فاتْبعوها
إذا ضمَّتكمْ بِجَناحيها فأطيعوها
إذا المحبّة خاطَبَتكمْ فصدّقوها
المحبّةْ، تضمُّكمْ إلى قلبها كأغمارِ حنطةْ
المحبّةْ، على بَيَادِرِها تدرسُكُمْ لتُظهِرَ عُرْيَكُمْ
المحبّةْ، تطحَنُكمْ فتجعلكمْ كالثلجِ أنقياءْ
ثمَّ تُعِدُّكمْ لنارِها المقدّسةْ
لكي تصيروا خبزاً مقدّساً
يقرَّبُ على مائدةِ الربِّ المقدّسة
المحبّة لا تعطي إلّا ذاتَها
المحبّة لا تأخذُ إلّا مِن ذاتِها
لا تملُكُ المحبّةُ شيئاً ولا تريدْ أن أحدٌ يملُكها
لأنّ المحبّة مكتفية بالمحبّة
وقالتْ المِطرَة ثانيةً: حدثنا عنِ الزواجْ، فقال:
وُلِدْتُما معاً وتظلّانِ معاً حتّى في سُكونِ تَذْكاراتِ الله
ومعاً حينَ تبدِّدُكُما أجنحةُ الموتِ البيضاءْ
كُونَا فَرِحَين غَنِّيَا فَرِحَينْ
إنَّما اتْرُكا بينَكُمَا بعضَ فُسُحات
لترقُصَ فيها رياحُ السماواتْ
ثمَّ قالتْ لهُ امرأةٌ: حدِّثنا عنِ الأولادْ، فقال:
أولادكمْ ليسوا لكمْ
أولادكمْ أبناءُ الحياةْ
والحياةْ لا تُقيمْ في منازلِ الأمسْ
وكانَ المساءْ فصَعِدَ إلى السفينةْ
وقال وداعاً يا أبناءَ أورفيليسْ
الريحُ تأمُرُني بأنْ أفارِقَكمْ
وسوفَ أعودُ ثانيةً إليكمْ
الريح الريح تأمُرُني الريح
بأن أفارِقَكُم تأمُرُني الريح
وسوفَ أعودُ ثانيةً إليكمْ
وعندها أشارْ، ورَفَعَ البحارةُ المَرساةْ
وصوبَ الشرق أبحرتِ السفينة
أما أنتَ إذا أحببتَ فلا تَقُلْ الله في قلبي
لكنْ قُلْ أنا في قلبِ الله
"مختارات من كتاب النبي - جبران خليل جبران"